فتاوى / المواريث والتبرعات / حكم العطية والاختلاف عند توزيع الميراث

حكم العطية والاختلاف عند توزيع الميراث

تاريخ النشر : 5 جمادى أول 1437 هـ - الموافق 14 فبراير 2016 م | المشاهدات : 1240
مشاركة هذه المادة ×
"حكم العطية والاختلاف عند توزيع الميراث"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

نص الاستشارة

 السؤال:بسم الله الرحمن الرحيم  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته توفي أخي وترك ستة أولاد وسبع بنات وزوجة منهم ولدان وثلاث بنات من زوجة مطلقة ( وهم الأبناء الكبار ) وأربعة أولاد( أحدهم لازال قاصرا ) وأربع بنات من زوجته التي لازالت على ذمته حتى توفي , وقد ترك لورثته خيرا كثيرا من عقارات ومحطات بنزين وأسهم ومن ضمن هذه التركة أرض مساحتها 8000م2 مقسمه إلى أربع قطع. قبل وفاته أنشأ في الربع الأول محطة بنزين وفي الربع الثاني أقام عمارة ( لازالت تحت الإنشاء ) كان ينوي أن تكون سكن له ولأولاده من زوجته التي لازالت معه على أن تؤول لهم بعد وفاته وأضاف لهم نصف الربع الثالث (1000م2) ليكون فناء للعمارة وقام بإنشاء معارض استثمارية على النصف الآخر من الربع الثالث أما الربع الأخير فقرر أن يمنحه للولدين الكبار من زوجته المطلقة علما بأن التقسيم السابق للذكور دون الإناث واللاتي سيأتي ذكرهن في السؤال التالي. بعد وفاته اختلف أبناءه على التركة حيث يصر الكبار على التمسك بما كان والدهم ينوي إتمامه ويأخذان القطعة الرابعة لهما بينما يقول الصغار يجب أن تقسم التركه حسب الشرع للأم الثمن والباقي للذكر مثل حظ الأنثيين خاصة وأنهم لم يكونوا موافقين على القسمة منذ كان والدهم على قيد الحياة وقد أبلغوه بذلك ولكنه أصر على موقفه بزعم أنه سيعوضهم والتعويض بالطبع مادي وهذا أيضا لم يوافقوا عليه حسب قولهم. السؤال : هل القسمة التي أرادها والدهم تتوافق مع الشرع أو بعبارة أخرى لو مد الله في عمره حتى يتم ما خطط له فهل يجوز له ذلك ؟ وبعد وفاته هل يصح للكبار الإصرار على موقفهم ؟ وفي حالة موافقة الإخوة الصغار وأمهم فمن يملك حق التنازل نيابة عن الإبن القاصر السؤال الثاني : ويخص البنات حيث قام والدهن بحصر نصيبهن قبل فترة وأشترى به أسهم في إحدى الشركات وقد أبلغ جميع أبناءه بهذا وطلب منهن عدم بيع الأسهم والاكتفاء بصرف أرباحها كل سنة وأيضا كان يرغب أن تكون هذه الأسهم هي نصيبهن من تركته ولا يطالبن بشيء من بقية التركة. وللمعلومية فقد ارتفعـت أسعار الأسهم حتى تضاعفت قيمتها ثم عادت وانهارت حتى لم تعد تساوي نصف سعر شراءها فهل تعتبر هذه القسمة شرعية علما بأنه أبلغ الجميع بهذا ولم يعترض منهن أحد في حياته كما لم نسمع عن أي معارضة بعد وفاته. وهل يحق لهن الاعتراض الآن لو شعرن بأن نصيبهن من التركة أكبر مما حصلن عليه ؟ أما السؤال الأخير : جزاكم الله خيرا فقد اعتاد والدهم حين بلوغ الولد سن الرشد أن يعطيه مبلغ مائة ألف (100000) ريال لشراء سيارة ومثلها للزواج وقد استفاد من هذا الإبنين الكبار من الزوجة الأولى (المطلقة) وأكبر أبناء الزوجة الثانية وتم شراء سيارة للابن الرابع حيث أنه لم يتزوج بعد والسؤال هل يحق للأبناء الصغار المطالبة بالمساواة بعد وفاة والدهم أي يحصل الإبن الرابع على مائة ألف ريال للزواج والاثنين الصغار مائتي ألف ريال لكل منهم خارج نصيبهم الشرعي من التركة ؟

نص الجواب

الجواب :

الحمد لله , والصلاة , والسلام على رسول الله , وعلى آله , ومن والاه , وبعد /

فمن محاسن شريعتنا الغراء أن رغبت المسلمين في كل ما من شأنه أن يكون سببًا لفشو المحبة , ودوام المودة , والألفة بينهم ، وحذرتهم , ومنعتهم من كل ما من شأنه أن يفضي إلى فشو العداوة , والفرقة , والشقاق ؛ ومما شرعته في هذا الجانب : أن أوجبت على الوالد أن يعدل بين أولاده في العطية ؛ لما يفضي إليه الجور فيها من التنازع , والتقاطع بينهم , فأوجبت عليه أن يسوي بينهم في العطية على قدر ميراثهم للذكر مثل حظ الأنثيين , فان خص بعضهم بعطيته دون بعض , أو فاضل بينهم ؛ فإنه يأثم , إلا إذا سمح الباقون , وطابت نفوسهم وهم راشدون , أما الصغار فليس لأحد أن ينوب عنهم في السماح لا والدهم , ولا غيره , فيجب أن يحفظ حقهم إلى أن يرشدوا ، وكذا إذا كان العطاء لسد حاجة النفقة , أو حاجة الزواج , أو العلاج , وبقدر الحاجة فقط , ودون زيادة ، مثل أن يكون أحدهم غنيًا , ولا يحتاج إلى نفقة أبيه ، والثاني فقيرًا يحتاج إلى نفقة أبيه ، فينفق على هذا الفقير بقدر حاجته ، فإن ذلك جائز وإن لم يعط الآخر الغني ، وكذا لو احتاج أحدهم إلى سيارة للتنقل عليها وهو غير قادر فيشتري له على أن تكون عارية عنده ينتفع به ما دام محتاجًا إليها , ويردها إذا استغنى ، ومثل ذلك- أيضًا - لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج وهو غير قادر على نفقته , فزوجه والده في حدود الحاجة ؛ فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه ، ولكن يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج , وأرادوا أن يتزوجوا وهم غير قادرين أن يزوجهم كما زوج الأول .

وهل يوصي للصغار بمبالغ لتزويجهم بمقدار ما زوج إخوتهم ؟

والجواب : لا , فإن هذه الوصية لا تجوز ، وذلك لأن تزويجه للكبار كان دفعًا لحاجتهم ، وهؤلاء الصغار لم يبلغوا سنًا يحتاجون فيه للزواج ، فإذا أوصى لهم بعد موته بمثل ما زوج به الآخرين ؛ فإن ذلك حرام , ولا يصح , ولا تنفذ الوصية ، وقد شدد العلماء في وجوب العدل بين الأولاد في العطية , وتحريم تفضيل بعضهم على بعض , حتى روي عن طاووس - رحمه الله – أنه قال : لا يجوز ذلك , ولا في رغيف محترق ؛ ودليلهم في ذلك ما روى النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال : تصدق علي أبي ببعض ماله فسألت أمي عمرة بنت رواحة ، فقالت : لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  فجاء بي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليشهده علي صدقتي فقال : " أكل ولدك أعطيت مثله " قال : لا , قال : " فاتقوا الله واعدلوا بين اولادكم " قال : فرجع أبي فرد تلك الصدقة , وفي لفظ قال : " فاردده " , وفي لفظ " لا تشهدني على جور " , وفي لفظ " فلا تشهدني إذا " , وفي لفظ " فأشهد على هذا غيري " , وفي لفظ " سووا بينهم " متفق عليه ، قال الموفق ابن قدامة - رحمه الله - : ( وفيه دليل على التحريم لأنه سماه جورًا , وأمره برده , وامتنع من الشهادة عليه , والجور حرام ,والأمر يقتضي الوجوب , ولأن تفضيل بعضهم ؛ يورث بينهم العداوة , والبغضاء , وقطيعة الرحم , فمنع منه كتزويج المرأة على عمتها , وخالتها ) . ( المغني 6/298 ) .

ولعله يتضح للسائل مما سبق أن جميع ما فعله أخوه من تقسيم للعقار على بعض الورثة - وهم الذكور دون الإناث - وتخصيص الأسهم للبنات دون البنين ؛ خطأ في خطأ , وأمر لا يجوز حيث أن فيه جورًا على بعض الأولاد ، ولم يكن محل رضا الجميع وعدم الاعتراض لا يدل قطعًا على الموافقة , وطيب النفس ، ولذا فإن الواجب : رد جميع العقارات إلى التركة , وكذا الأسهم , كما يجب : رد السيارات التي دفعت قيمتها للأولاد إلى التركة – أيضًا - ؛ لأنها تعتبر عارية لديهم , ومثلها ما فضل من المائة ألف من كل من أعطاه مائة ألف لزواجه من الأبناء , إذا لم تبلغ تكاليف زواجه مائة ألف ، وإعادة قسمة الجميع حسب الميراث الشرعي إبراءً لذمة الوالد , ولنزع فتيل الشقاق بين الإخوان والأخوات .

نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع , وأن يؤلف بين قلوبهم ، وأن يوفقهم لما يحبه , ويرضاه , وصلى الله على نبينا محمد , وآله , وسلم .

 
×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف