الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله ومن والاه، وبعد /
فإن الحضانة إنما يراعى فيها مصلحة الطفل وليس رغبة الأبوين ، فمن ترجح أن مصلحة الطفل عنده أكثر من الآخر فهو أحق بها سواء كان أبًا أو أمًا ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : ( وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الشَّارِعَ لَيْسَ لَهُ نَصٌّ عَامٌّ فِي تَقْدِيمِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ مُطْلَقًا وَلَا تَخْيِيرِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ مُطْلَقًا . وَالْعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا مُطْلَقًا ؛ بَلْ مَعَ الْعُدْوَانِ وَالتَّفْرِيطِ لَا يُقَدَّمُ مَنْ يَكُونُ كَذَلِكَ عَلَى الْبَرِّ الْعَادِلِ الْمُحْسِنِ الْقَائِمِ بِالْوَاجِبِ ) مجموع الفتاوى- (ج 9 / ص 86) ، أما ما يتعلق بنفقة الصغير الذي لا مال له فإنها تجب شرعًا على الأب إن كان موسرا وتُلزمه المحكمة بدفعها ، فإن كان الأب معسرا وقادرا على الكسب أجبر على التكسب من أجل الإنفاق على ابنه ، فإن أبى فإنه يعاقب ولو بالسجن ، وعلى هذا فإن كان ما ذكره السائل صحيحًا من أن والد الطفل لا يصلي وأخلاقه ذميمة .. فإنه لا يستحق حضانة هذا الطفل حفاظًا على مستقبله ، كذلك إن كان ما ذكره السائل صحيحًا من أن والد الطفل شاب وقادر على الكسب .. فإنه يجبر على التكسب للنفقة على ابنه ولو اقتضى الأمر سجنه فإنه يسجن ، ومثل هذا لا يتم إلا عن طريق المحكمة فعلى الأم التقدم إليها ، أما فيما يتعلق بتخلي والد أم الطفل عنه ودفعه لوالده ، وهل يأثم بذلك ؟ فالجواب أن والد الأم لا تجب عليه نفقة ابنها شرعًا ، لكن ينبغي أن لا يحول بين ابنته وبين حضانة طفلها لاسيما إذا تكفّل بنفقة الطفل غيره ممن تجب عليه نفقة الطفل من والد أو وارث أو غيره؛ ولعلي أُذكر والد هذه الأم بما روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال : كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر ومررنا بشجرة فيها فرخا حمرة ( طائر صغير ) فأخذناهما قال : فجاءت الحمرة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي تصيح فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ( من فجع هذه بفرخيها ؟ ) قال : فقلنا : نحن . قال : ( فردوهما ) أخرجه الحاكم المستدرك على الصحيحين ج 17 / ص 460 وقال« هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه » كما أخرجه أبوداود بلفظ قريب من هذا وصححه الألباني – رحمهم الله تعالى ، وقال ابن قدامة- رحمه الله تعالى - : (أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا الطِّفْلِ غَيْرُ جَائِزٍ ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ فِي أَهْلِ الشَّامِ ، وَاللَّيْثِ فِي أَهْلِ مِصْرَ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَبِي ثَوْرٍ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ فِيهِ ، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى أَبُو أَيُّوبَ ، قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ : ( مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا ، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ ، وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ( لَا تُولَهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا ) ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا وَإِنْ رَضِيَتْ، وَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْوَلَدِ ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَرْضَى بِمَا فِيهِ ضَرَرُهَا ، ثُمَّ يَتَغَيَّرُ قَلْبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَنْدَمُ )ا.هـ ، (المغني - (ج 21 / ص 55) . قلت: وإن كان هذا في مسألة بيع الرقيق إلا أن العلة واحدة ، فعلى والد هذه الأم أن يصبر ويحتسب الأجر من الله ، ولعل الله أن يسخّر له هذا الطفل في مستقبل حياته فيبره وهو أحوج ما يكون لذلك.
وفق الله الجميع للصواب.وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم .
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله ومن والاه، وبعد /
فإن الحضانة إنما يراعى فيها مصلحة الطفل وليس رغبة الأبوين ، فمن ترجح أن مصلحة الطفل عنده أكثر من الآخر فهو أحق بها سواء كان أبًا أو أمًا ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : ( وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الشَّارِعَ لَيْسَ لَهُ نَصٌّ عَامٌّ فِي تَقْدِيمِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ مُطْلَقًا وَلَا تَخْيِيرِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ مُطْلَقًا . وَالْعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا مُطْلَقًا ؛ بَلْ مَعَ الْعُدْوَانِ وَالتَّفْرِيطِ لَا يُقَدَّمُ مَنْ يَكُونُ كَذَلِكَ عَلَى الْبَرِّ الْعَادِلِ الْمُحْسِنِ الْقَائِمِ بِالْوَاجِبِ ) مجموع الفتاوى- (ج 9 / ص 86) ، أما ما يتعلق بنفقة الصغير الذي لا مال له فإنها تجب شرعًا على الأب إن كان موسرا وتُلزمه المحكمة بدفعها ، فإن كان الأب معسرا وقادرا على الكسب أجبر على التكسب من أجل الإنفاق على ابنه ، فإن أبى فإنه يعاقب ولو بالسجن ، وعلى هذا فإن كان ما ذكره السائل صحيحًا من أن والد الطفل لا يصلي وأخلاقه ذميمة .. فإنه لا يستحق حضانة هذا الطفل حفاظًا على مستقبله ، كذلك إن كان ما ذكره السائل صحيحًا من أن والد الطفل شاب وقادر على الكسب .. فإنه يجبر على التكسب للنفقة على ابنه ولو اقتضى الأمر سجنه فإنه يسجن ، ومثل هذا لا يتم إلا عن طريق المحكمة فعلى الأم التقدم إليها ، أما فيما يتعلق بتخلي والد أم الطفل عنه ودفعه لوالده ، وهل يأثم بذلك ؟ فالجواب أن والد الأم لا تجب عليه نفقة ابنها شرعًا ، لكن ينبغي أن لا يحول بين ابنته وبين حضانة طفلها لاسيما إذا تكفّل بنفقة الطفل غيره ممن تجب عليه نفقة الطفل من والد أو وارث أو غيره؛ ولعلي أُذكر والد هذه الأم بما روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال : كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر ومررنا بشجرة فيها فرخا حمرة ( طائر صغير ) فأخذناهما قال : فجاءت الحمرة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي تصيح فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ( من فجع هذه بفرخيها ؟ ) قال : فقلنا : نحن . قال : ( فردوهما ) أخرجه الحاكم المستدرك على الصحيحين ج 17 / ص 460 وقال« هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه » كما أخرجه أبوداود بلفظ قريب من هذا وصححه الألباني – رحمهم الله تعالى ، وقال ابن قدامة- رحمه الله تعالى - : (أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا الطِّفْلِ غَيْرُ جَائِزٍ ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ فِي أَهْلِ الشَّامِ ، وَاللَّيْثِ فِي أَهْلِ مِصْرَ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَبِي ثَوْرٍ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ فِيهِ ، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى أَبُو أَيُّوبَ ، قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ : ( مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا ، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ ، وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ( لَا تُولَهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا ) ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا وَإِنْ رَضِيَتْ، وَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْوَلَدِ ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَرْضَى بِمَا فِيهِ ضَرَرُهَا ، ثُمَّ يَتَغَيَّرُ قَلْبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَنْدَمُ )ا.هـ ، (المغني - (ج 21 / ص 55) . قلت: وإن كان هذا في مسألة بيع الرقيق إلا أن العلة واحدة ، فعلى والد هذه الأم أن يصبر ويحتسب الأجر من الله ، ولعل الله أن يسخّر له هذا الطفل في مستقبل حياته فيبره وهو أحوج ما يكون لذلك.
وفق الله الجميع للصواب.وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم .