الصوتيات / منبر الجمعة / الخوارج...ما أشبه الليلة بالبارحة

الخوارج...ما أشبه الليلة بالبارحة

الخوارج...ما أشبه الليلة بالبارحة

تاريخ النشر : 18 جمادى أول 1437 هـ - الموافق 27 فبراير 2016 م | المشاهدات : 1244
مشاركة هذه المادة ×
"الخوارج...ما أشبه الليلة بالبارحة"

مشاركة لوسائل التواصل الاجتماعي

نسخ الرابط

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الخطبة الأولى                          16/1/1437

الخوارج ...ما أشبه الليلة بالبارحة

إن الْحَمْدُ لِلَّـهِ نَحْمَدُهُ ..

أَمَّا بَعْدُ: فيا أيها المسلمون اتقوا الله تعالى ، واعلموا–رحمني الله وإياكم-  أنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).

عباد الله: حديثي إليكم عن قصة رجل عجيب أمره غريب خبره في سيرته عظة وعبرة لمن كان له قلب .. هذا الرجل قال عنه الإمام الذهبي –رحمه الله – في تاريخ الإسلام: (ذكره ابنُ يُونُس فِي (تاريخ مصر) فقال: شهِدَ فتح مصر ..، وكان ممّن قرأ القرآن، والفقة.. قرأ القرآن على مُعاذ بْن جبل. وكان من العُبّاد .. ، وقيل إنّ عُمَر كتب إِلَى عَمْرو بْن العاص-رضي الله عنهما-: أنْ قَرّبْ دارهـ من المسجد ليُعَلِّم النّاس القرآن والفقه، فوسَّع له مكان داره، شهد مع علي-رضي الله عنه- معركة صِفِّين..) إهـ

وقال عنه الحافظ ابن حجر-رحمه الله- في كتابه لسان الميزان:(كان عابدا قانتا لله .. ، شهد فتح مصر.. ، يقال: إن عَمْرو بن العاص أمره بالنزول بالقرب منه لأنه كان من قُراء القرآن وأهل الفقه ، وكان فارس قومه المعدود فيهم بمصر وكان قرأ على معاذ بن جبل وكان من العباد..)إهـ.

أيها المسلمون : أرأيتم هذه السيرة الجميلة والشمائل الحسنة..  سيرة من وشمائل من ؟!! ، أتدرون من هذا العابد القانت لله؟!! ، إنه سيرة الخارجي عبد الرحمن بن ملجم – عليه من الله ما يستحق- قاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ..

أما الخوارج فأشير هنا إلى بعض صفاتهم التي تناسب حديثنا  ؛ فقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما-رحمهما الله- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ بِالْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ .. ، قَالَ : فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ ، فَقَالُوا : أَتُعْطِي صَنَادِيدَ نَجْدٍ وَتَدَعُنَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ لأَتَأَلَّفَهُمْ ، فَجَاءَ رَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ ، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ، نَاتِئُ الْجَبِينِ ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ ، فَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ ، يَا مُحَمَّدُ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِنْ عَصَيْتُهُ ، أَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ وَلاَ تَأْمَنُونِي ؟ قَالَ : ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ ، فَاسْتَأْذَنَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فِي قَتْلِهِ ، يُرَوْنَ أَنَّهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ). ، وفي حديث آخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وعملكم مع عملهم ، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) ؛ فانظروا –رحمكم الله- إلى حماقتهم وجرأتهم على ولاة أمرهم وقلة أدبهم معهم حيث لم يسلم من نقدهم وحمقهم صفوة الخلق صلى الله عليه وسلم وانظروا كيف نعته زعيمهم وإمامهم حين قال بكل صفاقة وجه إعدل يا محمد .. ولم يقل يا رسول الله..فهل نتوقع بعد هذا انقيادهم وأدبهم مع ما سواه من الإمراء والولاة ، وانظروا إلى خصيصتين من خصائصهم ؛ إحداهما: التظاهر بالعبادة عبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الأول(يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ..) وفي الحديث الثاني بقوله(تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وعملكم مع عملهم) ، والخصيصة الأخرى: الجرأة على دماء المسلمين وعبر عنها صلى الله عليه وسلم بقوله:(يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان). والحديث عنهم يطول ولعلي أتناولهم في خطب قادمة إن شاء الله

أيها المسلمون : أما قصة قتل ذلكم الشقي لأمير المؤمنين علي –رضي الله عنه- فعجيبة جدا لا يمكن أن يجرؤ عليها مسلم إلا حين يغيب عنه سلطان العقل ونور العلم ويمتطي هواه وشهوته ، ويقوده جهله المركب وطاعته لشيطانه ومشاكلة أقرانه لمناوأة علماء الأمة والحط من قدرهم والتنكب عن هديهم .. نسأل الله العافية والسلامة ؛ يقول الإمام ابن كثير-رحمه الله- في البداية والنهاية: ( ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ التَّارِيخِ وَالسِّيَرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ: أَنَّ ثَلَاثَةً مِنِ الْخَوَارِجِ وَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْمَعْرُوفُ بِابْنِ مُلْجَمٍ وَكَانَ أَسْمَرَ حَسَنَ الْوَجْهِ أبلج شعره إلى شحمة أذنيه وفي وجهه أَثَرُ السُّجُودِ  وَالْبُرَكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ  وَعَمْرُو بْنُ بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ  أَيْضًا - اجْتَمَعُوا فَتَذَاكَرُوا قَتْلَ عَلِيٍّ-رضي الله عنه- إِخْوَانَهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّهْرَوَانِ (يعني من الخوارج)، فَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِمْ وَقَالُوا: مَاذَا نَصْنَعُ بِالْبَقَاءِ بَعْدَهُمْ؟ كَانُوا لَا يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَلَوْ شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلال فَقَتَلْنَاهُمْ فَأَرَحْنَا مِنْهُمُ الْبِلَادَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ ثَأْرَ إخواننا؟ ( ويعنون بأئمة الضلال أولئك الصحابة الأبرار الأطهار علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص-رضي الله عنهم- وكانوا ولاة الناس وأمرائهم في زمانهم) ؛ فقال ابن ملجم: أما أنا فأكفيكم على ابن أبي طالب  ، وقال البُرك وأنا أكفيكم معاوية: وقال عمرو بن بكر وأنا أَكْفِيكُمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ   ؛  فَتَعَاهَدُوا وَتَوَاثَقُوا أَنْ لَا يَنْكِصَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَنْ صَاحِبِهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ فَأَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ فَسَمُّوهَا ، وتواعدوا على صلاة فجر يوم السابع عشر من رمضان لتنفيذ الخطة تَيَمُّنًا بيوم غزوة بدر الكبرى، حسب تصور نفوسهم المريضة وعقولهم الفاسدة، وزين لهم الشيطان أعمالهم، وأقبل كل رجل منهم إلى البلد الذي فيه صاحبه الذي يطلب قتله، ولما حان موعد تنفيذ الجريمة نجح الأول وفشِل الآخران.

ففي الليلة التي اتفقوا فيها على إيقاع القتل بالرجال الثلاثة، أخذ كل واحد منهم يعد سيفَه، ويهيئ نفسه، فخرج البُرك بن عبد الله وقعد لمعاوية، فلما خرج ليصلي الفجر شد عليه بسيفه، فوقع السيفُ في إليته ولم يُمِتْه، فأُخذ هذا الخارجي، وأُحضِر إلى معاوية، فأمر به فقُتل..، وأما عمرو بن بكر فجلس لعمرو بن العاص تلك الليلة، فلم يخرج، وكان اشتكى بطنَه، فأمر خارجةَ بن حذافة بالصلاة، وكان صاحبَ شرطتِه، فخرج ليصلي فشد عليه وهو يرى أنه عمرو بن العاص فضربه فقتله، فأخذه الناس، فانطلقوا به إلى عمرو، فقال له عمرو: أردْتَني وأراد اللهُ خارجةَ، وقدّمه فقُتل.

فَأَمَّا ابْنُ مُلْجَمٍ فَسَارَ إِلَى الْكُوفَةِ فَدَخَلَهَا وَكَتَمَ أَمْرَهُ حَتَّى عَنْ أَصْحَابِهِ مِنَ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ هُمْ بِهَا، فَبَيْنَمَا هُوَ جالس في قوم من بني الرباب يتذاكرون قتلاهم يوم النهروان إذا أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا قَطَامِ بِنْتُ الشِّجْنَةِ ، قَدْ قَتَلَ عَلِيٌّ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ أَبَاهَا وَأَخَاهَا، وَكَانَتْ فَائِقَةَ الْجَمَالِ مَشْهُورَةً بِهِ، وَكَانَتْ قَدِ انْقَطَعَتْ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ تَتَعَبَّدُ فِيهِ، فَلَمَّا رَآهَا ابْنُ مُلْجَمٍ سَلَبَتْ عَقْلَهُ وَنَسِيَ حَاجَتَهُ الَّتِي جَاءَ لَهَا، وَخَطَبَهَا إِلَى نَفْسِهَا فَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَخَادِمًا وَقَيْنَةً وَأَنْ يَقْتُلَ لَهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ  ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ وَوَاللَّهِ مَا جَاءَ بِي إِلَى هَذِهِ الْبَلْدَةِ إِلَّا قَتْلُ عَلِيٍّ، فَتَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ شَرَعَتْ تُحَرِّضُهُ عَلَى ذَلِكَ وَنَدَبَتْ لَهُ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهَا، مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ يُقَالُ لَهُ وَرْدَانُ، لِيَكُونَ مَعَهُ رِدْءًا، واستمال عبد الرحمن بن مُلْجَمٍ رَجُلًا آخَرَ يُقَالُ لَهُ شَبِيبُ بْنُ نجدة الْأَشْجَعِيُّ الْحَرُورِيُّ قَالَ لَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ: هَلْ لَكَ فِي شَرَفِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟ فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ: قَالَ؟ قَتْلُ عَلِيٍّ، فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِدًّا كَيْفَ تَقْدِرُ عَلَيْهِ؟ قَالَ أَكْمُنُ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا خَرَجَ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ شَدَدْنَا عَلَيْهِ فَقَتَلْنَاهُ، فَإِنْ نَجَوْنَا شفينا أنفسنا وَأَدْرَكْنَا ثَأْرَنَا، وَإِنْ قُتِلْنَا فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا   - قلت: سبحان الله ما أشبه الليلة بالبارحة ؛ هذهـ طريقة خوارج عصرنا غدر وخيانة وجرأة على دماء المسلمين ، وترويع للأبرياء والآمنين حتى المصلين في المساجد لم يسلموا من شرهم .. ،فَقَالَ شبيب لابن ملجم: وَيْحَكَ لَوْ غَيْرَ علي كان أَهْوَنَ عَلَيَّ؟ قَدْ عَرَفْتُ سَابِقَتَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَقَرَابَتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا أَجِدُنِي أَنْشَرِحُ صَدْرًا لِقَتْلِهِ  ، فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمُ أَنَّهُ قَتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ؟ يعني أصحابهم من الخوارج ، فَقَالَ: بَلَى قَالَ: فَنَقْتُلُهُ بِمَنْ قَتَلَ مِنْ إِخْوَانِنَا  ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ بَعْدَ لَأْيٍ.. ، فجاءوا قطام- وَهِيَ فِي المسجد الأعظم معتكفة- قلت:سبحان الله معتكفة في المسجد وتخطط لقتل أمير المؤمنين؟!! أي اعتكاف هذا ، فَقَالُوا لها: قَدْ أجمع رأينا عَلَى قتل علي، قالت: فإذا أردتم ذَلِكَ فأتوني، ثُمَّ عاد إِلَيْهَا ابن ملجم فِي ليلة الجمعة الَّتِي قتل فِي صبيحتها علي رضي الله عنه سنة أربعين- فَقَالَ: هَذِهِ الليلة الَّتِي واعدت فِيهَا صاحبي أن يقتل كل منا صاحبه، فدعت لَهُمْ بالحرير فعصبتهم بِهِ، وأخذوا أسيافهمفَجَلَسُوا مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ رضي الله عنه (أي الباب الذي يخرج منه) ، فَلَمَّا خَرَجَ إلى صلاة الصبح جَعَلَ يُنْهِضُ النَّاسَ مِنَ النَّوْمِ إِلَى الصَّلَاةِ كعادته ، وَيَقُولُ: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ فَثَارَ إِلَيْهِ شَبِيبٌ بِالسَّيْفِ فَضَرَبَهُ فَوَقَعَ فِي الطَّاقِ( لعله سقف الباب) ، فاعترضه ابن ملجم، فضربه بالسيف، فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه ، فَسَالَ دَمُهُ عَلَى لِحْيَتِهِ..) وما لبث أن مات .رضي الله عنه وأرضاه وعامل ابن ملجم بما يستحق ، وأعاذنا الله وجميع المسلمين من الزيغ والضلال ورزقنا الثبات على الدين والثبات على الدين والموت على سنة سيد المرسلين صلى الله وسلم عليه وآله أجمعين.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم..

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العلمين ، والعاقبة للمتقين ..

أما بعد فيا أيها المسلمون أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله تعالى والإكثار من هذا الدعاء(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)

عباد الله: مضى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه إلى ربه جل وعلا ومضى ابن ملجم وسيحكم بينهما سبحانه بالعدل وهو أحكم الحاكمين ، وأما شهداء الله في الأرض فإليكم بعضا مما قلوا في ابن ملجم ؛ قال الإمام الذهبي عن ابن ملجم في كتابه تاريخ الإسلام : عَبْد الرَّحْمَن بْن مُلْجَم المُرَادِيّ قاتل عليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: خارجيّ مُفْتَرٍ .. ، وقال عنه أيضا : بعد أن ذكر سيرته التي ذكرتها فيما سبق.. قال: ثُمَّ أدركه الكتاب، وفعل مَا فعل، وهو عند الخوارج من أفضل الأمَّة..، وابن ملجم عند الروافض أشقى الخلق فِي الآخرة. وهو عندنا أَهْل السُّنَّةِ ممّن نرجو له النار، ونجوِّز أن الله يتجاوز عَنْهُ، لَا كما يقول الخوارج والروافض فِيهِ. وحُكْمه حُكْم قاتِل عُثْمَان: وقاتل الزبير، وقاتل طَلْحَةَ، وقاتل سَعِيد بْن جُبَيْر، وقاتل عمّار، وقاتل خارجة، وقاتل الْحُسَيْن. فكلّ هؤلاء نبرأ منهم ونبغضهم فِي الله، وَنَكِلُ أمورَهُمْ إِلَى الله عز وجل.

وقال الحافظ ابن حجر-رحمه الله- في لسان الميزان: (عبد الرحمن بن ملجم المرادي ذاك المُعَثَّرُ الخارجي ليس بأهل أن يروى عنه وما أظن له رواية ، ولولا الشرط في كتابي ذِكرُ من له روايةُ وذِكرٌ.. لم أذكره ؛ للفتق الذي فتق في الإسلام بقتله علي بن أبي طالب-رضي الله عنه)إهـ

وقال الحافظ ابن حجر-أيضا- في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة (5/ 85): (عبد الرحمن بن ملجم المرادي: أدرك الجاهلية، وهاجر في خلافة عمر، وقرأ على معاذ بن جبل ..، ثم صار من كبار الخوارج، وهو أشقى هذه الأمة بالنص الثابت عن النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم بقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه)

عباد الله: أما أبو الحسن علي رضي الله عنه ؛ فهو أشهر من أن يعرّف فهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالجنة، وأحد الستّة أصحاب الشورى ، ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد العلماء الربّانيين؛ والشّجعان المشهورين، وأحد الزّهّاد المذكورين، وأحد السابقين إلى الإسلام بل هو أول من أسلم من الشباب ، قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: (لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ) ثم أعطاها علي. أخرجه البخاري ومسلم-رحمهما الله تعالى ؛ فأي تزكية بعد هذه التزكية ، وأي مسلم فضلا عن مؤمن يجرؤ عليه بأدنى سوء فكيف بإزهاق روحه رضي الله عنه وأرضاه.

ألا فاتقوا الله أيها المسلمون واحذروا وحذروا من تحت أيديكم من منهج الخوارج ذلكم المنهج الخبيث والمسلك الضال وطريق الهلاك ، والتزموا منهج أهل السنة والجماعة وحثوا من تحت أيديكم على التزامه والعض عليه بالنواجذ فهو طريق السلامة والنجاة والسعادة والفوز في الدنيا والآخرة

اللهم وفقنا لهداك واجعل أعمالنا في رضاك ، وثبتنا على الدين والسنة إلى أن نلقاك  يا ذا الجلال والإكرم.

صلوا بعد هذا وسلموا ..

 

 

التعليقات (0)

×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف