بسم الله الرحمن الرحيم
كيف تعمر الأوطان
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله ومن والاه, وبعد:
سنة كونية قدرية لا يعمر البلدان – بعد توفيق الله- إلا أبناؤها ولا تشمخ البلدان إلا برجالها متى ما لبسوا لباس التقوى وتزينوا بزينة الإيمان، وأخذوا بأسباب التقدم ووسائل الرقي، فشمروا عن ساعد الجد, وسابقوا الزمن, وواكبوا مستجدات العصر، في ظل جو أخوي تسود فيه الألفة والمحبة والإيثار وإنكار الذات مع الإخلاص والصدق، والمحافظة على الحقوق، والاحترام المتبادل, والتعاون على البر والتقوى, ومحبة الخير للجميع، والتنافس المحمود الذي يشحذ الهمم, ويحرك المواهب, وينمي القدرات ,ويبرز الإبداعات، فينعم الناس في بلدهم بحياة طيبة هانئة مطمئنة مهما كانوا فيه من شظف العيش وقلة وسائل الحضارة قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾سورة النحل آية (97)، وقال:﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾سورة الحشر آية (9)
وثم سنة كونية أخرى لا يهدم البلدان إلا أبناؤها ولا تسقط إلا برجالها متى ما ركن الأخيار إلى النوم والدعة والغفلة والتغافل، وتحزموا بأحزمة التواكل والجمود ، ورفع الفساق والأشرار معاول النقض والتدمير في ظل تنافس مذموم يذكي العداوات ويبعث الأحقاد وينمي البغضاء والحسد، ويرسخ الأنانية وتعظيم الذات، تسود فيه العنصريات والمحسوبيات والإسقاطات والإقصاءات، ويتفشى فيه الكذب والغيبة والنميمة؛ فتتكدر الحياة فيها وتضيق على أهلها مهما كانوا فيه من سعة عيش ووسائل ترف, قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾سورة الإسراء آية(16)
فهلا نتفطن إخوتي وأخواتي في الله لهذه السنن الربانية ، ونحرص جاهدين على مواصلة مشوار سلفنا من الآباء والأجداد في عمارة بلدنا من خلال الأخذ بأسباب البناء والتعمير، والحذر من أسباب ووسائل الهدم والتدمير ، أرجو ذلك, مع تمنياتي للجميع التوفيق والنجاح .
أد. محمد بن عبد الله المحيميد