الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله , ومن والاه , وبعد /
فإن ما يقدم للموظفين من الأطباء , أو غيرهم نظير قيامهم بأعمال هي من صميم أعمالهم المكلفون بها من جهاتهم , من هدايا أو غيرها لا يجوز لهم قبوله ، كما لا يجوز لغيرهم بذله ؛ لأنه مال محرم , بل سحت , وأخذه غلول , فعن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( هدايا العمال غلول ) أخرجه أحمد وغيره , وصححه الألباني - رحمهم الله - .
وقد قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) ، والغلول : هو السرقة من الغنيمة .
وعن أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ - رضي الله عنه - أيضًا - قَالَ : اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً على الصدقة يُقَالُ لَهُ : ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ , فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِىَ لِى , قَالَ : فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ , فَحَمِدَ اللَّهَ , وَأَثْنَى عَلَيْهِ , وَقَالَ : « مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِىَ لِى , أَفَلاَ قَعَدَ فِى بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِى بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لاَ , وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ , بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ , أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ , أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَىْ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ « اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ». مَرَّتَيْنِ . متفق عليه .
ومعنى الخوار : صوت البقرة ، والرغاء : صوت البعير ، وتيعر : تصيح بشدة
قال الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله - : ( وهذا الحديث يدل على أن الواجب على الموظف في أي عمل من أعمال الدولة , أن يؤدي ما وكل إليه ، وليس له أن يأخذ هدايا فيما يتعلق بعمله ، وإذا أخذها فليضعها في بيت المال ، ولا يجوز له أخذها لنفسه لهذا الحديث الصحيح ، ولأنها وسيلة للشر والإخلال بالأمانة ) اهـ .
ولذا أنصحك بعدم قبول أي هدية من هذا النوع ، وأن تحتسبي أجر أداء العمل بأمانة وإتقان على الله تعالى , فإنه يحب ذلك , فعن عائشة – رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) . أخرجه البيهقي وغيره - رحمه الله – وهو صحيح .
وأخيرًا أشكرك على تحري الحق ، وأسأل الله أن يغنينا وإياك وجميع المسلمين بحلاله عن حرامه , وبفضله عمن سواه ، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه , وصلى الله على نبينا محمد , وآله وسلم .